يعدُّ صندوق المقاصة بالمغرب صمَّامَ أمانٍ قوياً للحفاظِ على القدرة الشرائية، سيمَا فيمَا يتعلقُ بالمواد الغذائية، ومعَ صدورٍ تنبيهٍ عن البنك الدولي، خلال الأيام القليلة الماضية، تبينَ أنَّ أسعار المواد الغذائية قد ارتفعَت بصورة كبيرة، فيمَا كانَ صندوق النقد الدولي قد أشارَ بشأن المغرب، ابتداءً من السنة الفارطة، إلى ما أسماهُ "تضحُّمًا غذائياً". وهوَ تضخمٌ يتمُّ قياسهُ باعتمادِ مؤشر سعر الاستهلاك (IPC)، يقدر أن يبلغَ 2.1% خلالَ 2012، حسبَ توقعات كلٍّ من المندوبية السامية للتخطيط، ووزارة المالية، وصولاً إلى ارتفاعٍ نسبته 1.8% في الفترة الممتدة ما بينَ أكتوبر 2011 وأكتوبر 2012، و 2.8 بالمائة ما بينَ يناير وأكتوبر من العام ذاته. وإن كان الارتفاعُ الذي شهدهُ سعر المحروقات في الصيف الفائت قد تمَّ في إطار قرار تصحيح الأسعار الذي اتخذته الحكومة، فإن أسعار المواد الغذائية بالمقابل تفرضها وضعية السوق، والمنتوجات الطازجة على سبيل المثال كالخضر والفواكه، لا تعرفُ استقراراً وثباتاً، فهيَ تتوقفُ على هطول الأمطار، وغلال المواسم، وحجم الطلب الخارجي، وتبتدئُ سلسلة الوسطاء من المزارعَ لتنتهيَ عندَ البائع المتجول، ومن المهمِّ الإشارةُ في هذا المضمار إلى أنَّ الخضرَ قد انخفضَ سعرهَا بنسبة 6.53% في يناير الأخير مقارنةً مع أكتوبر من عام 2011. بما قدرهُ 2.6% في أبريل. بخلاف شهر يوليو الذي ارتفعت فيهِ أسعارُ الخضر بشكلٍ طفيفِ لتعاودَ الاستقرار في مستواها الاعتيادي شهر أكتوبر من 2011، قبلَ أن ترتفعَ بشكلٍ صاروخي، بلغت نسبته 14.37%. لكنَّ ارتفاعَ أسعارِ المنتوجات الغذائية في الواقع ليسَ حكراً على المنتوجات التي يتغيرُ سعرها بينَ الفينة والأخرى، فالقهوة والشاي والكاكاو سجلت بدورها ارتفاعاً معقولاً إلى حدٍّ مَا، بزيادةٍ بلغت 4.06% خلالَ أكتوبر على مدَى ثمانية أشهر، وهوَ ارتفاعٌ يجدُ بدورهِ تفسيراً في زياداتٍ أخرى في الفترة المتراوحةَ ما بينَ يناير 2010 ونوفمبر 2011، بلغت 14.9%. أمَّا الزيوتُ فقد عرفت زيادة قدرها 3.58% في أكتوبر، بيدَ أن المندوبية السامية للتخطيط التي تمدُّ بالإحصاءات، لا توضحُ إذا ما كانَ الأمرُ متعلقاً بزيت الزيتون المنتجة محلياً، أم المستوردة منها، أم أنَّ الأمرَ يتصلُ بـ"زيت الصوجا"، وعباد الشمس، والفول السوداني، لكنَّ معرفة المنتج الذي طالته الزيادة على وجه التحديد، لا يغير شيئاً من معطَى مؤكد، وهوَ أن أسعارَ الزيوت قد سجلت ارتفاعاً، بسببِ زيادة عرفتها المواد الأولية، وهنا يشارُ إلى أنَّ الزيادةَ التي سجلتهَا أسعارُ الزيوتِ في الفترة الممتدة ما بينَ يناير 2010 ونوفمبر 2011، بلغتْ 10.9%. الزيادات التي عرفتها المنتوجات الغذائية خلال الفترة المذكورة، تمسُّ بشكلٍ مباشرٍ القدرة الشرائيةَ للأسر، لسببٍ وجيهٍ وهوَ أنَّ سلةَ الغذاء تستأثرُ بأزيد من 40% مما تنفقهُ الأسر بالمغرب، مما يعنِي أن أي ارتفاعٍ في أسعار تلكَ المنتجات مهمَا كانَ ضئيلا، يبدُو وقعهُ جليَّا على ميزانية الأسر المثقلة إلى جانب المواد الغذائية، بزياداتٍ أخرى عرفها التعليمُ والنقل، فحتَّى وإن كانَ التعليمُ من حيثُ المبدأ مجانياً للجميع، إلا أنَّ الكل يبذلُ تضحياتٍ من باب الضرورة أو التقليد، لإرسال الأبناء إلى مدارس خاصة. وهوَ الأمر المفسر لتنامي المدارس الخصوصية كالفطريات، خصوصاً بالنسبة إلَى المرحلتين الإبتدائية والإعدادية، بفعل تزايُدِ الطلب عليهَا.

إرسال تعليق

 
Top